اضغط على الصورة

السبت، 7 يوليو 2012

كيف نصل الى الله ونحجز مقعد صدق عنده وننال من علمه المخزون .


بقلم صادق الموسوي.

ان حقيقة العدالة ان يغلب العقل الذي هو خليفة الله على جميع قوى النفس ،فالعاجز على اصلاح نفسه كيف يقدر على اصلاح غيره ، فان السراج الذي لا يضيء قربه كيف يضيء بعيده ،
فلو تصفحت في زماننا زوايا المدن والبلاد واطلعت على بواطن فرق العباد ،لم تجد من الالوف واحدا تمكن من اصلاح نفسه ويكون يومه خيرا" من امسه بل لا تجد دينا" الا وهو باك على فقد الاسلام وأهله ،فهذا هو الزمان الذي اشار اليه سيد الانام وعترته الكرام (عليهم السلام) من انه
(لا يبقى من الاسلام الا اسمه ولا من القرآن الا رسمه).
فيجب علينا ان يؤدب كل فرد فينا نفسه بارتكاب ما يضاده ،ويشق عليها عقوبة بعد تعييرها وتوبيخها ،مثل منعها من الشهوات بالصوم ،واذا وقع عليها غضب مذموم يعاقبها بالصبر عليها او يعرضها لأهانت السفهاء حتى يكسر جاهه.
والكثير منا لا يستطيع ذلك بسبب الكسل، والكسل يؤدي الى انقطاع فيوضات عالم القدس ،
والسعي يوجب ازدياد تجرد النفس وصفائها والإنس بالحق ،فتصبح لديه ملكة الصدق لكي يمحى عنه الكذب والباطل حتى يتصاعد في مدارج الكمال ومراتب السعادات حتى تنكشف له الاسرار الالهية والغوامض الربانية ويتشبه بالروحانيات القدسية وينخرط في سلك الملائكة المقدسة .
ويجب ان يكون سعيه في امور الدنيا بقدر الضرورة ويحرم على نفسه الزائد ، وان يتحرز على ما يهيج الشهوة والغضب رؤية وسماع وتخيل ، وان يبحث عن الخفايا داخل نفسه ،واذا عثر عليها اجتهد في ازالتها ....
فإذا أردت طريق خلوص النية فعليك بحسن العمل فإنه لا شيء كالعمل ، اي العمل بالطاعات والمستحبات والإتيان بها وترك المكروهات .
كما قال أمير المؤمنين عليه السلام فإذا أردت الصلاة فأسبغ الوضوء تقربا" إلى الله ، وأقرأ من أدعية الوضوء وقبله وبعده وتوجه إلى ذلك بقلبك وقم إلى الصلاة بقصد الخدمة لله سبحانه وصلي كما أمرك الشرع من الأفعال والأقوال .
وتعود إقام الصلاة ولا تترك شيئاً من النافلة ولا شيئاً من المستحبة من صلاة أو دعاء أو قراءة القرآن تعللاً بأن الله سبحانه لا يقبل إلا الخالص وما أقبل العبد إليه بقلبه فإذا لم تتوجه إلى العمل بقلبك تركته وهذا من حيل الشيطان على الإنسان ليحرمه جميع الخيرات . فلا تترك شيئاً ما افترضه الله ولا ما ندب إليه لأنك إن لم تقدر على العمل الصالح تقدر على صورته.
وتجعل همك في الأعمال الصالحة من صلاة واجبة ومندوبة ومن دعاء وصيام وزكاة من واجب ومندوب وقراءة القرآن لاسيما الآيات التي فيها المواعظ.
قوله تعالى : (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين).
.
يعني أن غير الخاشعين لا يقدرون على الاستعانة بالصلاة على جميع مطالبهم لأنهم معرضون عن ذكر الله فكانت قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون .
ولهذه الآية باطن وتأويل جميل ،نطرحه على شكل تفكر لكي تصلوا اليه بعد التفكر في الآية وهو:
بماذا عنى الله عز وجل بالصبر والصلاة ومن هي الكبيرة الصبر ام الصلاة ولماذا ؟
لان الآية خصت واحدة منهما بالكبيرة بقوله (وإنها لكبيرة ) ولم يقل وإنهما لكبيرتان ،
فتحتاج إلى ساعة من ليلك ونهارك تخلو بنفسك وتنظر في المخلوقات من الأرضيين والسموات والجمادات والنباتات وتعتبر بما ترى من الآيات الدالة على قدرة خالق البريات فإنه لابد لمن يريد رضى الله والدار الآخرة ويريد أن يعرفه الله نفسه ويعرفه أنبائه وأوليائه عليهم السلام وان يبصره في دينه الذي ارتضاه ويجعله إنساناً فإن أكثر الناس بهائم كما قال الباقر عليه السلام :
الناس كلهم بهائم إلا قليل من المؤمنين والمؤمن قليل .
فلابد لمن يطلب هذه المطالب العلية من النظر والتدبر في مخلوقات الله سبحانه كما قال الله سبحانه :
قل أنظروا ماذا في السموات والأرض
في قوله تعالى :
(أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السموات والأرضين وما بينهما إلا بالحق) .
وقال تعالى : )
(أولم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء وإن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم).
وما قاله تعالى عن اهل التفكر
(يتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا من خلقت هذا باطلا(.

وقول الامام الصادق عليه السلام :
(بالحكمة يستخرج غور العقل وبالعقل يستخرج غور الحكمة(.
فإذا واظبت على ذلك فتح الله مسامع قلبك فأدركت الحكمة وعرفت العبرة وخلصت نيتك وحضر قلبك وصح قصدك في الخيرات وترقت نفسك في الكمالات القدسية ،
قال تعالى في الحديث القدسي :
(من أخلص لله العبودية أربعين صباحاً تفجرت ينابيع الحكمة على لسانه)
وقال تعالى :
)
ما زال العبد يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به ويده التي يبطش بها ، إن دعاني أجبته وإن سألني أعطيته وإن سكت ابتدأته (.
فبين سبحانه أن سبب محبته للعبد هو تقربه إليه بالنوافل ومن أحبه الله قذف في قلبه العلم ،
و قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
(ليس العلم بكثرة التعلم وإنما العلم نور يقذفه الله في قلب من يحب فينفسخ فيشاهد الغيب
وينشرح فيتحمل البلاء ).
قال الامام علي عليه السلام :
)
ليس العلم في السماء فينزل إليكم ولا في الأرض فيصعد إليكم ولكن العلم مجبول في قلوبكم تخلقوا بأخلاق الروحانيين يظهر لكم)
وفي قوله الله تعالى مشيرا لعيسى (ع)
(فلما بلغ أشده واستوى آتيناه حكماً وعلماً وكذلك نجزي المحسنين) .
 أي من أحسن العمل آتاه الله العلم بدون تعلم لأن السبب في كل خير حسن العمل كما في قوله تعالى : (لنبلوهم أيهم أحسن عملاً).
يعني إذا أحسن العمل آتاه الله الحكم والعلم كقوله تعالى :
(واتقوا الله ويعلمكم الله).

وهذه هي المقدمات والمجاهدات ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)
فلابد القيام بها لكي يفتح الله للفرد المتقرب له الابواب المغلقة واحدة بعد اخرى ، بحسب الاستعداد والقابلية لكل فرد حتى يهبه الله من علمه المخزون ويجعل له فرقانا يفرق به بين الحق والباطل ، ولا تبقى عقولنا متحجرة ونقف الى نقطة محددة فيقول الله عنا
 
(ذلك مبلغهم من العلم ) ،
 فالحديث طويل ولم ندخل لحد الآن في صلب الموضوع سوف نبينها في مواضيع لاحقة بعون الله ،
 فاستغلوا اخواني وأخواتي  هذه الفرصة لتطهير انفسكم لكي تصلوا الى المقامات العلى الذي خلقنا الله لأجلها
كما قال تعالى (في مقعد صدق عند مليك مقتدر )
فلا بد ان تحجز لك مقعد عند مولاك الحجة القائم (عجل الله فرجه ) لأنه هو المليك المقتدر المخصوص في هذه الآية .
والحمد لله وحده .

صادق الموسوي